استقبال جنائزي مهين لأبطال مصر، وتكريم أشبه بالتسول

هناك فرق بين الاستقبال وبين التكريم وهناك فرق بين الاستقبال والتكريم والاحتفال، فالاستقبال يتم عند وصول أبناء مصر لأرض الوطن، والاستقبال تنقله كل وكالات الأنباء العالمية سواء كخبر أو على الهواء مباشرة، وتبدأ وكالات الأنباء تتحدث عن وصف الاستقبال بعناوين كبيرة تتصدر الصحف ونشرات الأخبار، الأمر الذي يرفع من قدر مصر وشعبها وأبطالها، الأمر الذي يضع الإنجاز في حجمه الطبيعي، استقبال أسطوري لأبطال مصر أو مصر تستقبل أبنائها استقبال الأبطال أو استقبال الفاتحين وغيرها من العناوين الجميلة التي تليق بمصر وتليق بشعب مصر وتليق بأبطال مصر.

أما ما حدث فكان أشبة باستقبال أحد المفقودين أو استقبال جثث لمفقودين داخل عربة الموتى المغلقة من جميع الجوانب، وكأن هؤلاء الأبطال فقدوا البطولة وقدموا مستوى لا يليق بمصر ولذلك تم وضعهم في أتوبيس مغلق خوفا عليهم من غضبة الشعب المصري، ما حدث هو إهانة لمصر أولا ثم إهانة لشعب مصر ثانيا ثم إهانة لأبطال مصر ثالثا.

وعندما يخرج علينا أحد كبار أعضاء الاتحاد المصري الفاشل ليستخف بعقول المصريين قائلا أنه تم إلغاء الاستقبال لأن اللاعبين مرهقين، كلام سخيف ومبرر يدل على عقلية فارغة، عقلية لا تدرك أدنى قيمة للإحساس بالمسئولية، عقلية خاوية من الفكر ومن الإحساس، عقلية فاشلة إداريا، لأن الاستقبال لن يكون طوال اليوم أو طوال الليل ولكنه مجرد مرور بطئ في الشارع حتى إستاد القاهرة، ويتم الاحتفال بهم لمدة ساعة أو حتى نصف ساعة كما حدث مع لاعبي الأهلي عند عودتهم من اليابان، هذا الكلام يدل على نفس مريضة، نفس أمارة بالسوء، نفس تريد أن تخسف بهذا الإنجاز إلى أدنى قيمة، نفس مريضة تكره أن ترى نجاح الآخرين، نفس تقبل على نفسها الإهانة ولذلك تريد أن ترى الآخرين في موقف المهانة.

الرئيس المصري يستقبل الأبطال بنفسه في مطار القاهرة، واتحاد الكرة يرسل أبطال مصر لدولة عربية لكي يحتفلوا بهم ويتم تكريمهم من ولي عهد الإمارات، مهلا يا سادة يا كرام، هل هانت مصر عليكم إلى هذه الدرجة!؟ لماذا يذهب أبناء مصر إلى الإمارات ليحتفلوا بهم هناك؟ هل عجزت مصر عن الاحتفال بأبطالها وتكريمهم؟.

لقد ضاعت قيمة النصر، وضاعت قيمة الإنجاز، لقد ماتت الابتسامة على شفاه الشعب المصري الذي كان يتوق لاستقبال أبنائه الأبطال والاحتفال بهم ومعهم بهذا الإنجاز، أما أن يتم تجاهل مشاعر المصريين بهذه البلادة وبهذه البساطة فهذا يدل على أن لدينا مسئولين غير مسئولين، لدينا أشخاص وضعوا في موقع المسئولية وهم أبعد ما يكون عن الإحساس بالمسئولية، أشخاص لا يدركون قيمة مصر ولا يدركون قيمة أبطال مصر ولا يدركون مشاعر شعب مصر، أشخاص يمكن شراءهم ببضعة دنانير أو بضعة دولارات، أشخاص قبلوا على أنفسهم المهانة، وفرضوا علينا وعلى مصر المهانة.

لقد كان أكرم لمصر أن تستقبل أبناءها استقبالا شعبيا في سيارة مكشوفة مزينة بباقات الورود وأبناء مصر يهتفون لهم ويتغنون بإنجازهم، ولكن لأن لدينا أشخاص في موقع المسئولية لم يقوموا بواجبهم وتجهيز استقبال يليق بالأبطال ويليق بمصر فقد خرج علينا هذا الفاشل ليبرر فشله بأن اللاعبين تعبانين، ويخيل إليه أنه أذكى من أبناء مصر، هكذا يخيل له عقله المريض أنه أذكى من الآخرين وهذا في حد ذاته الغباء بعينه أن ترى نفسك أذكى من الآخرين، وليته توقف عند هذا الحد من الغباء العقلي إلا أنه أكد لنا غباء كرامته أيضا فوافق على أن يرسل أبطال مصر للغرباء لكي يحتفلوا بهم ويكرمونهم، هكذا يرى هؤلاء الفشلة أن هذا هو تكريم للأبطال، بالله عليكم هل هذا تكريم أم تسول في صورة تكريم؟ طريقة جديدة للتسول، قبلتها نفوس مريضة وعقول تافهة لا تدرك أدنى إحساس بالمسئولية، ومن يقل غير ذلك فليذكرني بدولة أخرى أرسلت أبناءها للغرباء لكي يكرمونهم، وعندها سنعتبر أن ما حدث هو تكريم وليس تسول.

وعندما وجد هذا المسئول ورفاقه أصحاب الكرامة المفقودة أنهم أهانوا أبطال مصر وأن حيلتهم ساذجة وغير مقبولة أعلنوا أنهم سوف يؤجلون مباريات الدوري ليحتفلوا بأبطال مصر، ألم أقل لكم أنهم مسئولون غير مسئولين، ألم أقل لكم أنهم أغبياء في تفكيرهم وأغبياء في كرامتهم، هناك فرق بين الاستقبال والاحتفال، هناك فريق بين الاحتفال والتكريم، فالاستقبال لا يتم إلا عند وصول الأبطال إلى أرض مصر، والاحتفال لا يكون إلا احتفالا شعبيا، والتكريم لا يكون إلا من المسئولين، أما ما ينوي أن يفعله هؤلاء الفاشلين هو معالجة الخطأ بخطأ أفدح منه، فكيف يتم تأجيل الدوري من أجل احتفال لن يكون احتفال، ألم يكن أكرم لأبطال مصر أن يذهبوا لأداء العمرة ويشكروا ربهم الذي وفقهم ونصرهم على من هم أقوى منهم؟ أم أنهم نسوا وعدهم الذي وعدوا به رب العزة والجلال؟.

أيها المسئولين الغير مسئولين.. لا يصنع الكعك بعد العيد، ولا ينفع ولا يجوز تكريم للمتسولين، ولن يحتفل المصريون بأناس تجاهلوهم وتركوهم في الشوارع من أجل بضعة دنانير، كيف نحتفل والمرارة وصلت للحلقوم من تصرفات غير مسئولة من أشخاص يفترض أنهم مسئولين، كيف نحتفل؟ وبماذا نحتفل؟ وبمن نحتفل؟ لقد كنا نريد أن نحتفل بأبطال وليس متسولين، وبماذا نحتفل بعد أن جعلتم من الإنجاز وسيلة للتسول؟، أما زلتم تستخفون بالعقول أيها الأغبياء!؟ متى.. متى تحترمون أنفسكم؟ متى تحترمون مصر؟ متى تحترمون أبناء مصر؟.

من يريد تكريم أبطال مصر فليأت لمصر أو على الأقل يرسل بهديته، عندها سنقول له شكرا يا أخا العرب، نجاملكم في الأفراح، أما أن يطلب أن نرسل له الأبطال ليتم تكريمهم هناك في أرض غير مصرية، هنا لا يكون تكريما، ولكنه تسول في شكل جديد، ما حدث أقرب إلى التسول منه إلى التكريم خاصة أنه لم يتم استقبال هؤلاء الأبطال في مصر ولم يتم تكريمهم في مصر ولم يتم الاحتفال بهم في مصر، لذلك فإن الإهانة تبدوا واضحة وصريحة، التكريم يأتي للأبطال ولا يذهب الأبطال لتكريمهم، ولكن من يفهم ذلك؟ ومن يعي ذلك؟ فهؤلاء تعودوا على المهانة وطبيعي أن يقبلوا لغيرهم المهانة.

لا أدري لماذا ألوم على هؤلاء المسئولين سواء كانوا مسئولين أو أجهزة فنية أو إدارية أو حتى لاعبين، كيف ألوم عليهم وهم من قبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد وسيلة للدعاية الانتخابية في دمياط وغيرها، هانت عليكم أنفسكم فهانت عليكم مصر وشعب مصر، والله لقد أضعتم قيمة الإنجاز، فما حدث لم يحدث في أي دولة في العالم.